ألا إن الفتنة ها هنا من حيث يطلع قرن الشيطان

ألا إن الفتنة ها هنا من حيث يطلع قرن الشيطان
إن من السذاجة تصور أن نصرة آل سعود لمحمد بن عبد الوهاب كانت لوجه الله ومن أجل رفع راية الإسلام فقد كانت دولة الخلافة العثمانية قائمة ويتربص بها الأعداء من كل جانب وكان من الأولى لابن سعود أن ينصر العثمانيين على المشركين من بني الفرنجة الصليبيين لا أن ينصر ابن عبد الوهاب على المسلمين.
ولعل الرؤية تتضح أمامنا حين نلقي الضوء على أول لقاء تم بين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود أمير الدرعية آنذاك.
يروى أن ابن سعود دخل على ابن عبد الوهاب في دار سويلم الذي أجاره في بيته بعد أن طرد من بلدته بسبب أفكاره المتطرفة وقال له "أبشر بالخير والعز والمنعة" وأجاب ابن عبد الوهاب "وأنت أبشر باليُمن والغلبة على جميع بلاد نجد".
وبعدها تطرقا للحديث عن البدع المتفشية في نجد فقال ابن سعود أبشر بالنصر لما أمرت به والجهاد لمن خالف ولكن أشترط عليك شرطين وهما.. الأول إذا نحن قمنا بنصرتك فلا ترحل عنا ولا تستبدلنا بغيرنا والثاني.. إن لي على أهل الدرعية خراجاً آخذه منهم وقت اقتطاف الثمار فلا تمنعني عنه".
فقال ابن عبد الوهاب أما الأولى فأمدد يدك لأبايعك فمدها له فقبض عليها وقال "الدم بالدم والهدم بالهدم" وأما الثانية فقال لعل الله يفتح لنا الفتوحات فيعوضك خيراً منها فقال ابن سعود لقد حللت أيها الشيخ في بلد خير من بلدك فلا تخشى أحداً ثم قام ابن سعود بنقل ابن عبد الوهاب إلى منزل خاص بجواره وقاما سوياً يخططان ابن عبد الوهاب لأفكاره وابن سعود لملكه.
ومن خلال استعراض هذا الحوار ترد بعض الملاحظات منها أن الوهابيين يعتبرون أن اتفاق ابن عبد الوهاب وابن سعود بمثابة البيعة الكبرى أي أن ابن عبد الوهاب يمثل "والعياذ بالله" شخص الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ وابن سعود يمثل الأنصار حين قالوا للرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ بيننا وبين القوم حبالٌ ونحن قاطعوها فنخشى إن أعزك الله وأظهرك أن ترجع إلى قومك فابتسم الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ وقال "بل الدم بالدم والهدم بالهدم أنا منكم وأنتم مني".
ومعنى هذا أن ابن عبد الوهاب في نظر الوهابين صاحب نبوءة ويقين وأنه يسير في حمى الله ورعايته وهذا هو التطرف بعينه وهذه هي الفتنة المباحة لدى آل سعود ونظرائهم.