السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
فتوى تقول المظاهرات تلهي عن ذكر الله
كانت هذه هي العبارة التي وَصَفَ فيها الشيخ صالح اللحيدان رئيس المجلس الأعلى للقضاء في السعودية، وتلاها أن المظاهرات التي تقوم بها جماهير الشعب العربي ما هي إلا فساداً في الأرض، على حد تعبيره نقلاً عن صحيفة الحقيقة الدولية.
هذا واستهجَنَ الشيخ هذه المظاهرات مُبرّراً قوله بأن أول مظاهرة شهدها الإسلام في عهد الصحابي عثمان بن عفان “رضي الله عنه” كانت شراً وبلاءً على الأمة الإسلامية، وشدَّدَ الشيخ الجليل على أهمية الدعاء لأهل غزة و “القنوت في المساجد”.
يجول في خاطري العديد من التساؤلات حول تصريحات هذا الشيخ، والذي يُتبَرُ كلامُه بمثابة “فتوى” لكونه رئيساً للمجلس الأعلى للقضاء وحاملاً لصلاحية الإفتاء.
أولاً: ما العلاقة بين تنديد الشيخ بالمظاهرات التي تُعبّر عن غضب الشعب وبين منع الحكومة السعودية لأي نوع من أنواع التظاهر والمسيرات؟
ثانياً: وإن كنتُ لا أحب المظاهرات أو المسيرات لأسباب شخصية فقط، كيفَ لنا يا “شيخ” أن نُعبّر عن غضبنا الشديد لما يَحدُث في غزة؟ إن كنتُ أنا املك القلم للتعبير، فكثير من الناس لا يملكون الأقلام أو الورق، كيف للعالمِ أن يقتَنِعَ أن الشعوب العربية غاضبة؟ كيف لأهل غزة أن يعلمون أننا نرى ونسمع و “نتكلّم” ؟
ثالثاً: إن كانت أول مظاهرة شهدها الإسلام شراً وبلاءً كما تقول، فهل نأخذ موقفاً واحداً بعين الاعتبار الآن ونعتبر أنه كان “نحساً” على الإسلام ويجب الابتعاد عنه؟ هل تُؤمن بالـ “نحس” يا شيخ؟
رابعاً: شدّدتَ يا شيخ على ضرورة الدعاء لأهل غزة والقنوت في المساجد، حسناً.. الدعاء لأهل غزة وهذا واجب علينا، أمّا القنوت في المساجد فماذا يعني هذا إذا فكّرنا به بطريقة “ثلاثية الأبعاد” ؟ لا نستطيعُ أن نقاومَ العدوَّ باليد، وأنت تُشدّد على مقاومة العدو بالقلب “الدعاء والقنوت في المسجد” مُتجاوزاً مقاومته باللسان، فإن قرأ عالمٌ في المنطق لدين الإسلام وقرأ فتواك، سيقول لك “أنت حَتماً أخطأت”، وإن قرأ عالمٌ بالسياسة والمنطق لديننا وقرأ فتواك سيقول لك “أنت حتماً مُفتي السلاطين”.
خامساً وأخيراً: لكَ بحسب الحقائق التاريخية تجارب فاشلة في الإفتاء، وتراجعات عن فتاوى قُمتَ بها، و”ترقيعات” عديدة أفقدتكَ الثقة عند الكثيرين، أنصحكَ بالقنوت في المسجد طالباً المغفرة من الله فأنت مُحاسَبٌ عند الله عمّا قلت.
كان ذلك رأيي فيما قاله الشيخ صالح اللحيدان، ولا يسعُني إلا أن أصفَ فتوى الشيخ بـ “الفتوى السياسية” إذ أن مبرراته ضعيفة جداً.
منقول