أطالب الرئيس مبارك بإصدار قرار عاجل بإقالة وزير الثقافة فاروق حسني أو أن يطلب منه على سبيل المواءمة التقدم باستقالته ، وذلك بعد الاعتذار المهين الذي قدمه لإسرائيل ومثقفيها للحصول على شهادة "عدم ممانعة" من بنيامين نتانياهو لتوليه منصب رئيس الأليسكو ، هذه مسؤولية أخلاقية معلقة في رقبة الرئيس مبارك شخصيا وليس فاروق حسني ، وأنا لا أتقدم بهذا الطلب على سبيل الإحراج أو حتى معاقبة فاروق حسني ، فلو كنا نبحث عن معاقبته لعوقب على أمور كثيرة خطيرة من قبل تم تمريرها بالتواطؤ والعناد ، ولكني أطالب بعزله الآن حفاظا على كرامة مصر وحكومتها بالأساس.
من حق فاروق حسني أن يتقدم لرئاسة اليونسكو ولعله تكريم له ، لا بأس ، وربما يعتبر البعض هنا في مصر أن تولي شخصية مصرية رئاسة اليونسكو هو انتصار معنوي لمصر ، يجوز ، ولكن هذا كله كوم ، وأن تتقدم الحكومة المصرية باعتذار إلى الحكومة الإسرائيلية ولشعب إسرائيل عن أمور لا تستحق الاعتذار وتمثل وجهات نظر ثقافية بحتة ، وأن تصدر الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الثقافة بيانا رسميا تعتذر فيه عن رفضها التطبيع الثقافي من خلال نشر الكتب الإسرائيلية والعبرية في مصر ، من أجل أن نستجدي منهم عدم عرقلة انتخاب فاروق حسني ، فهذه كبيرة بالفعل ويصعب هضمها .
فاروق حسني الآن ما زال وزيرا مصريا ، وجزءا من الحكومة المصرية ، وممثلا رسميا للثقافة المصرية ، وكل هذه الصفات تجعل من "ركوعه" الآن أمام الصهاينة من أجل الحصول على المنصب إهانة لمصر ولحكومتها ولشعبها وثقافتها ومثقفيها.
ليتقدم فاروق حسني باستقالته فورا إن كان لديه ذرة من كرامة أو احترام لوطنه وشعبه والحكومة التي ينتسب إليها ، وإن كان لديه أدنى احساس بالمسؤولية الأخلاقية تجاه الرئيس الذي اختاره أو وافق على اختياره وزيرا للثقافة طوال هذه المدة ، فليتقدم فاروق حسني بطلبه ويحشد ما يريد من دعم ويركع أمام من يشاء لاستجدائه ، ولكن شرط أن يكون ذلك بصفته الشخصية فقط لا غير ، لا أن يتقدم بكل هذه "الإهانات" بوصفه وزيرا في الحكومة المصرية وممثلا للحكومة المصرية وممثلا للثقافة المصرية .
يركع هو لا أن تركع معه وزارة الثقافة المصرية، ينبغي أن يقول للعام كله أنه ـ الآن ـ لا يمثل إلا نفسه ، فإن لم يجد في نفسه بعض الحياء أو الاحترام الذي يجعله يبادر بذلك ويعلن استقالته ، وإذا كانت "الجتت نحست" إلى هذا الحد ، فليتحمل رئيس الجمهورية مسؤوليته ويطلب منه مباشرة تقديم استقالته ، حتى لا تتحمل حكومة مصر وشعب مصر ومثقفي مصر هذه الإهانات ، وحتى لا تكون مصر بمؤسساتها الرسمية والحكومية رهينة لحصول فاروق حسني على منصب دولي .
لقد احتفل الإعلام الإسرائيلي بتصريحاته وكتاباته الاعتذارية التي يبدي فيها عظيم الندم وفروض الطاعة في صحف دولية ، ويزيد عليها بتقديم المزيد من "الضمانات" والتعهدات المجانية ، بصفته وزيرا للثقافة المصرية ، وأباح لنفسه أن يصدر بيانا باسم الوزارة ، أي باسم الحكومة المصرية ، لأنه لم يألف من قبل أن يحترم حكومة ولا برلمان ولا شعب في مصر ، والإعلام الإسرائيلي تحدث عن هذا كله بوصفه اعتذارا من وزير مصري للشعب الإسرائيلي ، وهذا لا يليق ، الحكومة المصرية لم تعتذر لأحد في هذا الشأن تحديدا ، المواطن فاروق حسني هو الذي اعتذر وهو الذي قدم ضمانات وتعهدات وهو المسؤول ـ كمواطن ـ عن تصريحاته .
ومصر الدولة والحكومة والشعب غير ملزمة بالتزاماته ، وغير مسؤولة عن أقواله ، هذه هي الرسالة التي لا بد أن تعلنها الحكومة المصرية فورا ، وأن "تتطهر" من هذه الإهانات التي تتوالى منذ أسابيع بسبب "الوزير" فاروق حسني ، أقيلوه إن لم يستقل ، لن نقبل أبدا بصهينة الثقافة المصرية ، تحت أي ذريعة وبأي ثمن كان .